صناعة الحرير لم تكن مورد رزق وحيد لمنطقة زغرتا، او للبنان، عموما”، بل كانت مصدر الرزق الاساسي خلال احقاب مديدة. لذلك فالالتفات الى ما وراء قليلا”، بغية رسم صورة سريعة، عما كانت عليه قد لا يخلو من فائدة لمعرفة الماضي، معرفة اوثق. لا سيما، وان آخر دواليب، لآخر معمل في الزواية توقفت عن الحركة، مع بداية حرب السنتين
صناعة الحرير في لبنان
قبل القرن التاسع عشر كانت طرق صناعة الحرير بسيطة. وحل الشرانق كان يتم على الطريقة القديمة المسماة الحل العربي. فكان الحلاّل ينصب حين الموسم خيمة يبني موقدة ويضع عليها خلقينا من النحاس ويعرف موضع الحل هذا “بالحلالة” فيضع الشرانق في الخلقين كما ترده (اي بدمها) من غير ان تُنقّى وتطرح على دولاب كبير قطره 3 امتار ويحرك بالرجل. وعند انقطاع طاق الحرير كان الحلال يحرّك الشرانق بواسطة قضيب رفيع ويأخذ الطاق ويعلقه على الدولاب من غير وصل فكان الحرير يحصل هكذا من دون عيار ذا طاق خشن وغير منسوب وهذا الحرير المسمى “البلدي” كان على ما هو عليه كافياً لسد حاجة البلاد. وما كان يفيض كان يصدّر الى الخارج. الى ان انشئت كراخين الحرير الاولى. وفي بعض المراجع ان اول معمل لحل الحرير في بلادنا على الطريقة الاوروبية آنذاك اقيم في 1836 في بيروت بحي الدحداح على يد الكونت دي لافرته (Comte de la ferté) والكونت دي لامون (Comte de lemont) وكان بعشرة دواليب تُغلى ماء خلاقينها بواسطة الحطب مثل “الحلالة”. بينما مراجع اخرى تقول ان اول معمل للحرير شيّده في بتاتر سنة 1838 نقولا وجورج بورتاليس ثم تنازلا عنه لاخيهما فورتونه بورتاليس (Fortuné Portalis) وكان يحوي من 15 الى 20 دولابا وغليان الماء فيه على الطريقة العربية هو ايضا. ثم انتشرت الكراخين الفرنسية واللبنانية ولم تعد الاساليب القديمة تنتج سوى ربع الانتاج السنوي الذي قدّر بمأتي الف كيلو قبل مجيء بورتاليس
وبلغ عدد الكراخين بين 1847 و 1850 خمسا ثم وصل الى ماية وواحدة سنة 1885 وماية واربع وتسعين 1893

ولكراخين لبنان الماية والاربع وتسعين نحو 10886 خلقينا
وكانت الاصناف التي تنتجها كرخانة بورتاليس لا معادل لجودتها
صناعة الحرير في منطقة زغرتا-الزاوية
صناعة الحرير في منطقة زغرتا- الزواية كانت على غرار صناعة الحرير في البلاد عموما تتم على الطريقة العربية الى حين اقامة عدة كراخين فيها في زمن غير معروف بالتحديد، من قبلنا، في الاقل. ولكن الارجح ان ذلك كان اواخر القرن التاسع عشر وهنا قائمة بها اي بمعامل الحرير في زغرتا-الزاوية. وكانت جميعها للحل ما خلا واحدا للنسج
المنطقة صاحب الكرخانة عدد الدواليب
(Zgharta) ? – (اسعد شحاده (معمل نسج الحرير (Khaldieh) وديع وفؤاد طربيه 104 دواليب
(Kferdlakos) اسعد كرم 104 دواليب
(Rachiine)يوسف رحمة 60 دولابا
(Rachiine)كنعان الضاهر ويوسف رحمة 60 دولابا
معمل نسج اسعد شحاده أقفل ابوابه منذ فترة بعيدة وكرخانة الخالدية دمّرها، على ما يبدو، اعصار مطلع الثلاثينات. اما كرخانة اسعد بك كرم الكائنة جغرافيا في حرف ارده والواقعة اداريا في خراج كفردلاقوس فما تزال آثارها الى اليوم. وقد قامت بعد ذلك كراخين اخرى لعماد نفاع في عشاش وقد اتت عليها نيران حرب السنتين ولآل زيدان في بيادر رشعين وقد آلت من ثم الى نصوح آغا الفاضل ولآل معربس في رشعين وهي آخر معمل للحرير اقفل مع اندلاع حرب السنتين
ولكي يتضح لنا عدد الذين كانوا يشتغلون في كراخين الحرير نقول ان معملاً يحوي 50 دولاباً كان يلزمه لا اقل من

70 عاملاً. خارج عن اطار المعامل كان هناك مخانق وهي عبارة عن ابنية واسعة مقامة على ركائز من خشب ليس لها جدران ولا سقوف بل مؤلفة من طبقات من الاقمشة تعلو بعضها بعضاً، مربوطة اطرافها باعمدة خشبية يطرحون عليها الشرانق. وبجانب هذه الابنية يوجد بناء صغير مقفول قفلا محكماً يدور على البخار، تلقى في جوفه الشرانق معرّضة لحرارة شديدة تخنق الجيز في جوف الشرانق
هذا بالنسبة الى المعامل فماذا عن حاصلات زغرتا الزاوية من الحرير؟
لا معلومات اكيدة لدينا عن معدل الانتاج السنوي من الشرانق في زغرتا، مع بداية القرن الحالي، لذلك فاعطاء رقم بالاستناد الى ذاكرة المسنّين قد يجيء مغلوطاً. وعليه فاننا نكتفي بنشر جدول عما نعرفه عن حاصلات قرى الزاوية من الشرانق. المعرفة الاكيدة
اسم القرية مقدار حاصلاتها من الشرانق
داريا 2000 اقة
عرجس 2000 اقة
كفرزينا 2000 اقة
بشنين 200 اقة
كفرشخنا 800 اقة
كفرحورا 5000 اقة
اصنون 1500 اقة
قرباش 1000 اقة
كفرحاتا 1500 اقة
الخالدية 1000 اقة
رشعين 20000 اقة
كفردلاقوس 35000 اقة
ارده 25000 اقة
عشاش 2000 اقة
مجدليا 4000 اقة
كفرياشيت 2000 اقة
؟ بيت عوكر
اما قرى مزرعة التفاح، تولا، البحيري، بسلوقيت، عينطورين، اجبع، سبعل، كرمسده، كفرفو، بنشعي وراسكيفا فمعدل

حاصلاتها الاجمالي مطلع القرن كان 45 الف اقة وفي كتاب “دليل لبنان” لابراهيم الاسود ذكر للمحصول الاجمالي وليس لمحصول كل قرية على حدة (سنة )1906)
اما قرى ايطو، كفرصغاب، سرعل، عربة قزحيا والفراديس فكانت تابعة اداريا لمديرية بشري ومعدل حاصلاتها الافرادي لم يتصل بعلمنا
خزّاق الدفاتر

موسم الحرير كان موسم العز كما اسلفنا. وقد اطلق عليه اسلافنا اسم، “خزّاق الدفاتر” اي ان مردوده كان من الوفرة بحيث يمكنهم من ايفاء ديونهم وتمزيق قيودها ودفاترها
وكان الاهالي يصرفون شهرَي ايار وحزيران وبعض تموز في القيام بما يترتب لعمله. ووقت قطاف الشرائق كان وقتا للولائم والغناء والدبكة في البساتين، تتجلى فيه روح “العونة” في جني المحاصيل، باحلى مظاهرها
محسن أ.يمّين
“ZghartaPedia” لِ