مزيارة فاتحة الهجرة

اللبنانيّة إلى البرازيل (1880)

    إذا عُدْنا إلى ما كتبته جريدة “الرقيب” لمؤسِسَيهْا المزيارييّن إميل ناصيف ويوسف اسكندر نصر في عددها 1933 الصادر يوم الخميس في 3 أيلول 1948 عن أوّل من هاجر الى البرازيل يتضح للحال أنّ ما أوردته بعدئذ مجلّة “أوراق لبنانيّة، (الجزء الثالث، آذار 1956، السنة الثانية) (ص 141) تحت عنوان: “رائدان من لبنان” لم يكشف سوى نصف الحقيقة حول هذه الريادة الاغترابية

    فيعد إشارة “أوراق لبنانية” لمؤسّسها يوسف إبراهيم يزبك إلى أنّ أوّل “إبن عرب” وطأت قدماه أرض الولايات المتّحدة الأميركية سنة 1854 كان لبنانياَ من قرية صليما المتنيّة إسمه أنطون يوسف ضاهر الشعلاني (1827-1856) وهذا أمر لا خلاف عليه- عادت لتقول أنّ أوّل “إبن عرب” وطأت قدماه أرض البرازيل كان لبنانياً من مزيارة إسمه يوسف موسى مزيارة، وذلك سنة 1880

    والصواب بحسب رواية جريدة “الرقيب”، وهي رواية أهل البيت الذين هم أدرى بما فيه أن يوسف هذا المنتمي إلى عائلة الشدياق كان مصحوباً بمزياريّ آخر يدعى إلياس الزحّول في إفتتاحه للهجرة اللبنانيّة الى البرازيل”  انطلاقاً من ريودي جانيرو

    المجلّة تقول آن يوسف موسى الشدياق انتقل فيما بعد الى سان باولو، واستأثرت به المنيّة سنة 1930. أمّا “الرقيب” التي نقلت معلوماتها عن المغترب خليل الشاغوري ، من كبار تجّار البرازيل، فإستناداً إلى ما سَبَق وأَوْرده شكري الخوري في أحد أعداد جريدته “أبو الهول”. واصفاً المهاجرين الأوّلين إلى البرازيل بالأبطال الفاتحين، لتجشمهم المشقّات، وتحمّلهم المتاعب، وغَزْوهم البلاد بسلاح الصبر والجَلَد والتدبير، دون أن يَفْقهوا لغتها، وعوائد أهلها

    ثم لفوزهم فوزاً عظيماً، وآنارتهم الطريق للّذين جاءوا بعدهم، ومهّدوا لهم سبلَ العمران

أمّا المربّي الراحل حليم دينا فأَغْفَلَ ذكر الزحّول، واكتفى بإبراد إسم يوسف موسى عبد الأحد الشدياق كمهاجر أوّل إلى البرازيل في كتابه: “مزيارة في حاضرها وماضيها” (ص.75) وقد جاراه في ذلك قنصل لبنان في “كانو” نيجيريا سابقاً المرحوم سليم حبيس في مؤلّفه :” لبنان في أفريقيا/ نصف قرن ذكريات” بإقتصار ما أورده في الصفحة 132 على يوسف موسى، دون الزحّول. إنّما تمايز عنه باللفت الى أن مزياريّا بقي إسمه مجهولاً سافر في العام عينه (1880) إلى الإكوادور

   الخلاصة، ان ذلك كان ذلك أوّل الغيث

   ومن يومها وحكاية الهجرة المزياريّة تتواصل فصولاً. وقد ألقت السيّدة حسنا رومية في البحث الذي أعدته لنيل شهادة الجدارة في العلوم الاجتماعية (علم الإجتماع الثقافّي)، بعنوان “سوسيولوجيا الهجرة في المجتمع مزيارة” آلعام الدراسي (1997-1996)، بإشراف الدكتور أنطوان الدويهي، ألقت أضواء على أماكن إنتشارالمزياريّين في العالم، وعلى أماكن إنتشارهم في القارة الإفريقيّة، مُركزةً على أثر الهجرة في المجالَيْن الإقتصاديّ، والإجتماعيّ، وعلى الهجرة والحالة الثقافيّة في مزيارة. ومُظهرةً تأثير الهجرة في تحسّن الأوضاع الإقتصاديّة والمعيشيّة للمهاجرين، وعلى اسهام حركة الإغتراب في إزدهار التجارة والخدمات في لبنان. من خلال إستثمار الأموال وتوظيفها في المشاريع التنمويّة والإقتصادية والأجتماعيّة والثقافيّة، ودعم قطاعات عديدة في الوطن، وبخاصة القطاع المصرفّي، وقطاع الإعلام، فضلاً عن المساعدة في إنشاء الجمعيّات والمؤسّسات الاجتماعيّة، والنهضة العمرانيّة المتجليّة في بناء القصور، والمباني الفخمة

 محسن أ.يميّن

لِ “”ZghartaPedia