رجل وصديق كل العهود
الشيخ بطرس الخوري (1907 – 18 تشرين الثاني 1984)، رجل أعمال ومصرفي وصناعي لبناني. كان رجلاً عصامياً حقيقياً، ونجح في بناء إمبراطورية تجارية وصناعية، لتُصبح واحدة من أكبر الثروات اللبنانية من خمسينيات إلى سبعينيات القرن المنصرم. ويعد شخصية مهمة من النخبة الحاكمة اللبنانية خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ووصل نفوذه إلى حد المشاركة في صياغة بعض التشريعات الاقتصادية واستخدام خبراته في حل الأزمات الوطنية الكبرى
بدأ حياته الدراسيّة في مدرسة مار يعقوب في مسقط رأسه وأنهى صفوفه في قرية داريا في قضاء زغرتا في مدرسة «آل العلم». بدأ حياته الراشدة في سن مبكرة: وفي وقت مبكر جداً أسس نفسه كشخصية رئيسية في قريته، كما نال لقب «الشيخ» وتزوج في 19 أيلول/سبتمبر 1926 من نجيبة عبود قريبة خاله وأنجب منها سبعة أولاد
بدأ مسيرته المهنية وكان بالكاد قد بلغ عمر العشرين سنة، في تجارة زيت الزيتون الذي كان يُنتَج في قضائي الكورة وزغرتا ويبيعه في طرابلس، ما دفعه بالتالي إلى الانتقال بشكل دائم في بدايات ثلاثينيات القرن الماضي إلى مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، لتسهيل إدارة أعماله وتطوير شبكة معارفه. وبعد ذلك، استثمر في سوق الذهب والعقارات وانتقل بالتالي وبسهولة من التجارة إلى الصناعة وأسس شركات ناجحة مع رجال أعمال عريقين في مجالات متعددة كما تظهره الشركات العديدة التي تم تأسيسها، كـ«اسطفان وخوري» مع الاخوين مشايخ آل اسطفان من كفرصغاب، وشركة «كفوري-خوري» مع الاخوين بطرس وفيليب الكفوري من الخنشارة في قضاء المتن، ومع غطاس المر أنشأ «شركة الغزال للنقليات» ومع فاضل الغندور من طرابلس، وغيرهم
خلال عشرينيات القرن العشرين، اكتسب بطرس الخوري الشاب وبنجاح، المهارات والقواعد المتعلقة بالاستثمار المالي. ووفقا للدور التقليدي الذي يؤديه اللبنانيون في دول الانتشار منذ ذلك الوقت في اقتصاد البلاد، أعاد الشيخ الشاب استثمار الاموال التي كانت تصل اليه من أقربائه في بلاد الاغتراب في شركات محلية مختلفة. وفي هذا السياق، أظهرت خبرته داخل شركة كهرباء قاديشا، التي حصلت خلال الانتداب على امتياز اضاءة شمال لبنان بالتيار الكهربائي، من الوادي الذي يحمل اسم الشركة حتى مدينة طرابلس، مواهبه الفطرية كرجل أعمال: دخل للمرة الأولى من طريق عباس عبود الذي حمّله مسؤوليات مهمة والذي يمثله داخل الشركة، صعد بسرعة سلم الشركة ليتم انتخابه عام 1929 عضو مجلس إدارة وهو كان في سن الـ22. وفي 1929، أُعطي امتياز كهرباء «أبو علي» للأخوين الشيخ يوسف وسايد اسطفان وتم دمج شركتي الكهرباء «قاديشا» و«أبو علي». وأعيد انتخاب الشيخ بطرس الخوري عضو مجلس إدارة في 10 آب/أغسطس 1930. وارتقى بسرعة فائقة طوال عقود داخل الشركة، التي أسستها مجموعة من الشخصيات المهمة من منطقة بشرّي كعائلتي كيروز وجعجع عام 1924 والتي كان لمطران طرابلس الماروني أنطوان عريضة دور مهم فيها
وفي 14 آيار/مايو 1953، اشترى من المساهمين الفرنسيين، شركتي “لا بيرينيين” و “لا تولوزيين” غالبية الأسهم التي يملكونها في شركة “قاديشا”، وأصبح رئيس مجلس إدارتها
وتحولت سنوات الشباب التي أمضاها داخل الشركة إلى نوع من التدريب لبطرس الخوري الشاب، وكان الفكر الاقتصادي لشخصية كألبير نقاش، مؤسس مشروع الطاقة الكهرومائية لـ«قاديشا»، حاسماً لمسيرة بطرس الخوري الخاصة: فقد كان نقاش يدعو للنشاط الصناعي في لبنان من خلال تشجيع شبكة واسعة من محطات الطاقة الكهرومائية في جميع أنحاء البلاد والتي يتم تمويلها وإدارتها بالكامل من قبل رؤوس أموال وكوادر لبنانية، على عكس الايديولوجية السائدة بين المثقفين في ذلك الوقت المتأثرة بفكر ميشال شيحا الذي يرى لبنان «جمهورية تجارية» خالية من المواد الأولية . هكذا، قدمت هذه التجربة للشيخ بطرس الخوري خبرة في مجال العمل الصناعي، ورؤية واسعة في الاقتصاد الوطني
النشاطات السياسية
الشيخ بطرس الخوري خلال جلسة لمجلس النواب اللبناني
انخرط الشيخ بطرس الخوري أيضاً في عالم السياسة، إذ ان مواهبه كوسيط، بالإضافة إلى كفاءته الاجتماعية سمحت له في وقت مبكر في ابراز نفسه، فانتخب مختاراً في قرية كرم سدّة في سن مبكر. وروح القيادة التي تمتع بها وشهرته المتزايدة التي اكتسبها في شمال لبنان وعلى مستوى البلاد، وذلك بفضل نجاح أعماله خلال الحرب العالمية الثانية ومشاركته في الحركة الاستقلالية لبشارة الخوري ضد الانتداب، جعلت منه مرشحاً ممتازاً للنيابة: فانتخب نائباً في البرلمان اللبناني من سنة 1943 حتى 1947 وبات يعد من كبار زعماء زغرتا. ولكن المهنة السياسية البحتة لم تكن هدف الشيخ بطرس الذي انسحب سريعاً من اللعبة النيابية، مفضلاً تبني دور المستشار والوسيط على الساحة السياسية
الشيخ بطرس الخوري مع رئيس الجمهورية اللبنانية كميل شمعون
الشيخ بطرس الخوري مع رئيس الجمهورية اللبنانية فؤاد شهاب
وطور في الواقع روابط قوية مع أهم الشخصيات السياسية في لبنان بعد الاستقلال، من بينهم الرؤساء كميل شمعون وفؤاد شهاب ورشيد كرامي وشارل حلو وسليمان فرنجية والياس سركيس وغيرهم، وغالبا ما عمل كوسيط وموفق بين الأطراف المختلفة: وغالباً ما نظم الشيخ مآدب لهذا الهدف في منزله أو في فندق سان جورج. وقد أكسبته مكانته في معايشة الحياة السياسية والتأثير الذي يمارسه في اللعبة السياسية صفة “رجل وصديق كل العهود”
الشيخ بطرس الخوري مع الرئيس اللبناني سليمان فرنجية والرئيس السوري حافظ الأسد عام 1975
فقربه من السلطة التنفيذية خدم أيضًا مصالحه المالية من خلال التسهيلات الحكومية التي حصل عليها: ففي عام 1964 ومع عهد الرئيس فؤاد شهاب، قاد بطريقة منفردة مفاوضات مع الولايات المتحدة الاميركية لصفقة قمح بقيمة 25 مليون دولار أمريكي. وأوصلته مكانته إلى أن يتم استقباله باستمرار في جلسات خاصة من قبل رؤساء الجمهورية والمجالس لابلاغهم عن وضع الأعمال، الامر الذي أعطاه دوراً حاسماً في صياغة السياسة الاقتصادية للبلاد
القطاع الزراعي
أظهر في وقت مبكر جداً اهتماماً بمجال الزراعة بسبب أصوله الريفية. وانطلق في تجارة المنتجات الزراعية، مستهلاً هذه المهنة ببيع زيت الزيتون على مستوى شمال لبنان قبل دخوله في شراء وبيع الطحين والقمح على مستوى البلاد، وقد بدأ بالتفاوض مع وزارة الاقتصاد اللبنانية حول ثمن الكيلو منذ أواخر الاربعينيات. وكان اهتمامه المبكر بالقطاع الزراعي والريفي واضحاً منذ دخوله إلى البرلمان إذ تم انتخابه رئيسًا للجنة النيابية للزراعة والاغذية لمرتين في 1946 و1947 إضافة إلى لجنة الاشغال العامة سنة 1947
الشيخ بطرس الخوري مع الرئيس اللبناني كميل شمعون ومطران طرابلس الماروني انطوان عبد ومفتي طرابلس كاظم ميقاتي
وخلال الخمسينيات، التزم مكافحة الاستيلاء على المواد الغذائية الأساسية وارتفاع أسعارها، وأصبح من الشخصيات الرائدة في عالم التجارة التي تستشيرها السلطات في حالات الطوارئ. وبالتالي، عام 1958، قام مع مجموعة من التجار بدق ناقوس الخطر بشأن شلل النشاط التجاري وبالتشجيع علناً على تفريغ القوارب في مرفأ بيروت لتجنب نقص الغذاء
بالإضافة إلى تجارة القمح، ابدع الشيخ بطرس الخوري في إنتاج السكر، وفي عام 1963، وبصفته ممثلاُ عن مصافي السكر، أبلغ رئيس مجلس الوزراء اللبناني رشيد كرامي بالاجراءات التي ينبغي اتخاذها لتلبية حاجات الشعب من هذا المنتج لسنة 1964. وفي هذا السياق، شجع على إنتاج الشمندر السكري، لوضع سياسة للسكر مبنية على الإنتاج المحلي للمنتج، ما يسمح للبنان بالاكتفاء الذاتي. وهو أيضا أحد أكبر المساهمين في مصنع عنجر لاستخراج السكر، وكان له الدور الاولي في حل أزمة الشمندر التي استمرت من شهر كانون الاول/ديسمبر 1964 حتى شهر حزيران/يونيو 1965 والتي تواجَه خلالها الفلاحون في البقاع مع المصنع
وبالفعل، فإن مكانته كقائد كبير جعلته يميل إلى الأبوة الاجتماعية التقليدية والخيرية في ما يتعلق باحتياجات الفلاحين. فمن أجل مساعدة المزارعين اللبنانيين ومكافحة الهجرة الريفية نحو المدينة، بات ناشطاً جداً داخل بنك التسليف الزراعي والصناعي والعقاري (BCAIF) الذي تأسس عام 1954 والذي تولى الشيخ بطرس الخوري رئاسة مجلس ادارته منذ العام 1958. وخلال أزمة الموز التي تسببت بها العاصفة العنيفة التي هبت في 20 شهر تشرين الثاني/نوفمبرعام 1964 والتي دمرت الإنتاج بكامله لذلك الموسم، اقترح كرئيس للـBCAIF اعطاء مزارعي الموز قروضاً طويلة الأمد للتغلب على الأزمة.BCAIF
القطاعان الصناعي والتجاري
أصبح الشيخ بطرس الخوري أحد أعمدة الصناعة اللبنانية خلال النصف الثاني من القرن العشرين ومؤيداً قوياً لاستثمار رأس المال اللبناني في القطاعات الصناعية، من أجل زيادة الدخل الوطني وتخفيض نسبة البطالة. فترأس جمعية الصناعيين طوال عشر سنوات من العام 1965 حتى العام 1975 وحتى شجع على إنشاء وزارة للصناعة اللبنانية
كانت أولى مغامراته الصناعية في قطاع الكهرباء حيث استثمر في وقت مبكر من حياته في شركة «قاديشا» التي أنشئت عام 1924 وساهم عام 1948 بتأسيس شركة كهرمائية أخرى «البارد» مع اصحاب الامتياز الشيخ مرسال اسطفان. ومن خلال هاتين الشركتين، ساهم الشيخ بطرس الخوري في حل أزمة الكهرباء التي هزت البلاد بين 1952 و1954. تم اقتراح ربط بيروت بشبكات قاديشا ونهر البارد ونهر الجوز للتخفيف من انقطاع الكهرباء عن العاصمة. وكانت شركة «البارد»، والتي كان الشيخ أحد أكبر المساهمين فيها، هي التي تولت الأعمال. وبهدف تعزيز القطاع، طالب أيضاً في العام 1956 بقرض بقيمة 5 ملايين ليرة لبنانية من الدولة لصالح «قاديشا» من أجل تجنب ارتفاع اسعار الكهرباء
ودخل أيضاً صناعة الاسمنت وأصبح في عام 1963 مساهماً في شركة الأسمنت اللبنانية التي أسستها عام 1929 البطريركية المارونية في شكا، بعدما كان زود هذه المصانع عام 1956 بالطاقة اللازمة لتشغيلها من خلال شركة “البارد”
بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال الشركات التي أسسها مع العديد من رجال الأعمال الطرابلسيين، ساهم الشيخ بطرس الخوري عام 1952 في إنشاء المنطقة الحرة في مرفأ المينا في طرابلس، حيث قامت شركاته بإنشاء مرافق الميناء ومخازن للتخزين كما قامت بشراء الآلات اللازمة لنقل البضائع، ما ساهم بتعزيز حركة المرفأ والنشاط الصناعي في شمال لبنان. وبالتالي أسس مع شركائه شركات استيراد وتصدير لتشجيع التجارة وعمليات النقل والترانزيت ما دفعه حتماً لدخول قطاع الشحن البحري. فأصبح مالك سفينة وأسس «الوكالة البحرية بطرس س. الخوري» التي نقلت سفنها الكبرى بضائع إلى وجهات بعيدة في الستينيات
وإضافة إلى كل ذلك، ومع تأسيس أو المساهمة في أكثر من خمسين شركة لبنانية وأجنبية، استثمر أيضاً في قطاعات أخرى، متنوعة ومتخصصة على حد سواء، من بينها إنتاج الالومنيوم والخشب المضغوط وصناعة البترول والبتروكيماويات وصناعة المشروبات (عصير الفواكه والمياه الغازية) وعالم الضيافة وقطاع التأمين والعقارات وغيرها. اهتمامه بالصناعة اللبنانية بلغ حد الدعوة إلى إصدار قانون جديد للصناعة خلال الازمة المالية التي ضربت مصانع النسيج عام 1966، كما دعا أيضاً إلى تسهيل القروض الصناعية المتوسطة الأمد
لائحة الشركات التي أسسها:
شركة اسطفان وخوري
شركة لبيع الزيتون
شركة زيوت أسعد جبر
شركة كهرباء البارد ش.م. ل
الشركة الصناعيّة للشرق أو مطاحن الشرق
الشركة اللبنانيّة لمصانع تكرير السكر ش.م.ل
شركة معامل سكّر لبنان
شركة تكرير السكّر في بحصاص
شركة نقل القوى الكهربائية
شركة الخشب المضغوط (غندور) ش.م.ل
مؤسسة «بطرس الخوري وهاشم الغندور» التجارية
شركة الفولاذ اللبنانيّة (غندور)
شركة (المصنع اللبناني للسينالكو والمياه الغازيّة) SINALCO
العربية الأوروبية للضمان AROPE
شركة كفوري وخوري
الشركة اللبنانيّة لعصير الحمضيّات والفواكه
العقاريّة “BELKOU HOLDING”
شركة ESSO FERTILIZER
شركة الصناعات البتروكيمائيّة ش.م.ل
شركة الملاحة البحرية اللبنانية ش.م.ل
شركة أوكال ش.م.ل
الشركات التي ساهم فيها:
شركة الترابة اللبنانيّة
شركة الترابة البيضاء ش.م.ل
شركة كهرباء لبنان الشمالي –قاديشا ش.م.ل
شركة كهرباء نهر إبراهيم ش.م.ل
شركة أنترا للإستثمار ش.م.ل
شركة سيل العقارية
شركة بانوراب هولدينغ – لوكسمبورغ
شركة بنوريو – باريس
شراكة بناية المرفأ
الشركة الوطنيّة المغفلة للمنطقة الحرّة في طرابلس
شركة استثمار مرفأ بيروت
الشركة العقارية لمرفأ بيروت ش.م.ل
الشركة الفرنسيّة للبترول ش.م
شركة ALUMINIUM SIAL
كازينو لبنان
كازينو مدريد (كازينو لبنان في مدريد)
شركة الفنادق السياحية – طبرجا
شركة سياحة واشتاء فاريا- المزار
الشركة العقارية SAINT CHARLES
LIQUIGAZ شركة
في فرنسا SASS شركة
فندق PARK HOTEL شتورا
شركة الغزال للنقليات
للسيارات IMPEX شركة
SOFIM شركة
شركة أوتيل الرابية البحري ش.م.ل
شركة الرابية العقاريّة
شركة كونسرفا لبنان
شركة الفنادق العصرية
الشركة الشرقية للإستيراد والتصدير ش.م.ل
شركة الضمان اللبنانيّة ش.م.ل
المشروع العقاري في هيوستن – الولايات المتحدة
لائحة المؤسسات المصرفية التي شارك في تأسيسها:
بنك التسليف الزراعي والصناعي والعقاري (BCAIF)
بنك لبنان والمهجر (BLOM Bank)
بنك المدينة
لائحة المصارف التي ساهم فيها:
بنك البحر المتوسط
بنك الصناعة والعمل
بنك بيبلوس
ZghartaPedia
WIKIPEDIAنقلاً عن