عمرانيّ… قضى في منتصف الطريق
المزياريّ أسعد صليبا هو أحد الذين جاهدوا الجهاد الحسن بعد إرتياده القارة الأفريقيّة، وهو طريّ العود، في الرابعة عَشْرة
فجاهَدَ جهادَ الأبطال في ميادين التجارة، ولم تلبث عزيمته، أن قادته إلى النجاح، بَعْدَ نضالٍ وتضحيات. وهو لو كان

إكتفى بتثمير نجاحه لتحقيق رفاه أسرته، لا غير، لما كانت تجربته الشخصيّة تَعَّدت إطار إبعاد العَوَز عن بابه
أمّا وقد إندفع لإقران مراحل كفاحه بتفجير ميوله العمرانيّة، وبتأدية أجلّ الخدمات لبلدته، فقد ضَمَن لنفسه مكاناً أكيداً، كخادمٍ أمين للوطن الذي أنجبه
ولد أسعد صليبا في مزيارة على ما ذكرته جريدة “الرقيب” (14 نيسان 1905) في مستهلّ القرن العشرين من

والدَيْن فاضلَيْن هما لبّوس صليبا ومرّون عبد الأحد (. وبوراثته الطموح والإقدام والمغامرة عن نشأته القرويّة لم يتأخّر في الإنسلاخ عنها، طلباً للرزق، وللعيش الرغيد، في المهجر
وما إن ابتسم الحظّ لهذا العصاميّ الطموح حتى دفعته غيرته على مصلحة مزيارة إلى المجاهدة والسعي لإيصال

خطوط الكهرباء إليها، ومن ثمّ، إلى المساهمة في مشروع خطوط الهاتف، حتى تمّ ذلك على يد الساعين في ذلك المشروع الحيويّ
وحين شاد منزلين فيها إعُتبرا في طليعة المنازل الحديثة في مزيارة، كما شاد البنايات في بيروت وطرابلس، وعندما

وافته المنيّة سنة 1955، كانت بنايته في الزاهرية لا تزال قَيْد الإنشاء. فقضى عن خمسين عاماً ، ولذلك كتب الأديب يوسف يونس عنه انه كان “في منتصف الطريق. فكيف إنتهت الطريق”، “عمرانيّاً شاد وأنارَ. وضحّى بالنضار” تابع يوسف يونس يقول – حمل معظم ثروته إلى لبنان، فحرّكها ليحّرك اليد العاطلة. فبنى في عاصمة بلاده. وبنى في عاصمة منطقته. وبنى في عاصمة نشأته. فكانت لبنانيّته عمراناً لا كلاماً. بل كانت أُسُسَاً تَبْقى مع الدهر وللدهر، لا سياسية رقطاء تزول بزوال المسبّب والسبب …”

وقد إستأثرت به رحمة الله في لاغوس أفريقيا ، فخلّف أمّاً ثكلى، زوجة حزينة، وتسعة أولاد كبيرهم في الرابعة عشرة من سنيه. أي السن عينها التي دفعه خلالها طموحه الى الإغتراب
وقد تميّزت هجرته بعودته، بين الحين والآخر، ليطوف في مسارح صباه، وملاعب طفولته، فيقضي ردحاً من الزمن، ثمّ يعود إلى أفريقيا
وفي زيارته الأخيرة تحدّث عن عزمه الأكيد على أن تكون سفرته هذه آخر ما يزمع عليه من أسفار، فينهي أعماله في

القارة السوداء، ويعود إلى الوطن الذي أحبّ. لكن أفريقيا سرعان ما ضمّته إلى صدرها، وحالَتْ دون إدراكه لما كان
.يتمنّاه
محسن أ.يّمين
لِ “ZghartaPedia”
:اضافات
.لأسعد صليبا 8 أشقاء وشقيقات ^
.والدته مرّون كانت تلد الأطفال في المنازل ومن دون مردود مالي ^
.عند وفات أسعد صليبا تزوجت زوجته وبقية شقيقتها فيلومين (فلامينا عبدالأحد فاضل) تربّي أطفال أسعد ^
.كان يذهب الى الصيد مع الرئيس شمعون في سوريا ويُقال بأن أسعد صليبا توفي بأزمة قلبية اثناء الصيد ^