رائدة الصحافة السياسيّة
وأولى المرشحات للنيابة
تُعتبر الصحافية إلفيرا لطّوف، مؤسسة جريدة “المستقبل” (1938) أوّل إمرأة في لبنان أنشأت صحيفة سياسيّة، وأدارتها، مقتفية بذلك أثر مواطنتها الطرابلسيّة الأصل روز أنطون حدّاد (فاطمة اليوسف، والدة الأديب المصري إحسان عبد القدّوس)، منشئة مجلّة “روز اليوسف” (1925)، وجريدة “روز اليوسف” (1935)، في مصر، وعدد من المجلاّت والصحف الآخرى التي لم يلمع نجمها في الصحافة فقط، إنما سطع أيضاً في مجالي الفنّ والسياسة
والفيرا رومانوس، هي عقيلة المهندس جان لطّوف (من كرم سدّه) الذي كان من آوائل مهندسي الشرق في فنّ الميكانيك، ومديراً عاماً لدوائر الميكانيك في الأشغال العامة والمصالح المشتركة في عهد الإنتداب. ولدت الفيرا في سبعل سنة 1903، لوالد سبعليّ، ووالدة إهدنّية
حوا العريجي (في الصورة مع والدتها). وقد إحتاجت إلى إذن خاص من مطران أبرشية طرابلس المارونيّة كي تتعلّم، في 1908 و1909، في المدرسة القرية، على يد الخوري بطرس لحّود. لأنها كانت الفتاة الوحيدة بين الطلاّب الذكور، وتوصيات الإكليروس المارونيّ كانت تحظّر إختلاط الجنسين في مدرسة. خصوصاً إذا كانت الفتاة قد تجاوزت السادسة من عمرها. فنالت نصيباً من العلم على يد الخوري بطرس، قبل أن يحثّها والدها على تحصيل العلم بالمطالعة. فكانت جريدة “لسان الحال” أوّل ما إجتذبها للمطالعة في عالم الصحافة، قبل أن تحضر مهرجان يوبيلها الذهبيّ، سنة 1927، وتشعر انها وقعت في أسر الصحافة، وسحرها
وكان من تدفّق الشخصيّات الى منزلها الزوجي، في بيروت، وتوسّع مداركها، ومعارفها، أن إقترحت على زوجها إصدار إمتياز خاص لجريدة يوميّة سياسيّة. وحين صدر العدد الأوّل من جريدتها “المستقبل” لم يكن الأمر كذبة كونه صدر، في طرابلس، في 1 نيسان 1938، إنّما حمل الأمر على محمل المغامرة الجريئة، تُقدِم عليها إمرأة، في ذلك الوقت
وصدرت، أوّل ما صدرت، أسبوعّية بثماني صفحات حتى عام 1940، ويوميّة في 1941 و1942, بأربع صفحات، حجماً كبيراّ، ثم أسبوعيّة، مجدّداً، بحجم عاديّ. وقد آبدى حملة الأفلام في لبنان إعجابهم بثباتها في حَلَبة الجهاد الصحافيّ طوال 42 سنة، دون أن تلين لها عزيمة، رغم كل ما كابدته من مشاقّ، وجابهته من صعوبات، وتحدّيات. فكانت “المستقبل” رفيقة عمرها حتى منتصف العام 1973، حين إنتقلت ملكيّة إمتيازها الى الصحافي نبيل خوري الذي سيصدرها مجلّةً من باريس، ومن ثمَ، إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أعادها إلى الصدور، جريدة يوميّة، في لبنان. فإستبدلتها الفيرا لطّوف ب”اللطائف”، مكمّلة بصفحاتها تتويج الرسالة، حتى القطرات الأخيرة من قلمها السيّال، اللاهث وراء “مهنة المتاعب”. فكانت لها متنفّساً، وحياة حتى مفارقة الحياة
وهذه الصحافية الرائدة لم تتفرّد كأنثى بين الذكور في مدرسة قريتها، ولا في الصحافة السياسيّة اللبنانيّة فحسب بل تفرّدت أيضاً في كونها أوّل إمرأة رشحت نفسها لمنصب نيابيّ، بعد منح المرأة حقوقها السياسيّة، سنة 1953، في عهد الرئيس كميل شمعون. وقد إنسحبت لصالح زعماء زغرتا، تسهيلاً للائتلاف، لأنه لم يكن لمنطقة زغرتا، حينذاك، سوى مقعد واحد
ويعود إلى إلفيرا لطّوف الفضل في ملاحقة وتبنّي فكرة “عيد الأمّ”، حتى صدور مرسوم جمهوريّ رقمه 305، في عهد الرئيس ألفراد نقاش، يقضي بجعل الأحد الثاني من أيّار عيد وطنياً بإسم الأمّهات، قبل أن يُعاد النظر، في وقت لاحق، في تاريخ العيد، ويقرّب إلى 21 آذار من كلّ عام
والحيويّة التي طبعت شخصّيتها قادت الى تأسيس عدد واسع من الجمعيات، أو الإنخراط للعمل فيها. فكانت مؤسسة ورئيسة “جمعيّة الشبيبة الخيرّية السبعليّة” (1925)، و”جمعيّة الشبيبة الإهدنية التي أسّستها ورئستها (1931)،و”جمعية تعزيز اللغة العربية في بيروت (1939)، و”الرابطة الدريموقراطيّة في منطقة الزاوية” (1942)، و”جمعيّة نساء لبنان”.”
حازت على براءة بابويّة من قداسة البابا بيوس الثاني عشر (1950)، ووسام الإستحقاق، ووسام الإستحقاق اللبنانيّ المذهّب (1958)، و”شعار اللورين” (1940) من الجنرال شارل ديغول (الرئيس الفرنسي لاحقاً) الذي خاطبها، في سراي طرابلس، بالقول: “سوف لن أنسى هذا الوجه الطافح بالإخلاص”
محسن أ.يمّين
“ZghartaPediaلِ “
الصور: من البوم السيدة الفيرا لطّوف الخاص (مع الشكر لبيار رومانوس)