صوت الشمال
صدى المغتربين
المحامي فريد قبلان أنطون هو صحفيّ وطنيّ مجاهد. تمّ إختياره كأوّل نقيب للصحافة في الشمال، عام 1942، لدى تأسيس النقابة. وصورته معلّقة منذ العام 1993، على جدار من جدران نقابة الصحافة اللبنانية، في بيروت، جنباً إلى جنب، مع سائر الذين جعلوا من الصحافة رسالةً، ومن الكلمة نوراً يُسار على هَديه
أراد جريدته “صدى الشمال” حاملة للطابع الاستقلالي، جريئة وصريحة في قول الحق، لم يتزلّف للسلطة المنتدبة، ولا للسلطة الوطنيّة. فكان جزاؤه أن عطّلوا جريدته غير مرة

صورة الجريدة: من معرض “110 أعوام على الصحافة الزغرتاوية” – الشبيبة الإهدنية
كما أرادها صلة متينة العرى بين لبنانَيْن: مقيم، ومنتشر، باذلاً كل ما في وسعه من أجل الدفاع عن حقوق المغتربين، وحثّهم على الرجوع إلى لبنان، فقدّروا إندفاعه إلى الإهتمام بشؤونهم وشجونهم، وأقبلوا على الاشتراك في جريدته. ما جعل منها إحدى أوسع الصحف المناطقيّة إنتشاراً في الخارج، ومكّنها من تغطية أخبارهم في ديار الانتشار من خلال مجموعة واسعة من المعتمدين (1350 مشتركاً سنة 1945، و50 متعمداً)
وقد تقدّم أنطون بترخيص لجريدته التي تُعتبر إحدى أطول جرائد الأقاليم عمراً (1925-1988)، في نيسان سنة 1925، وتلقّف القرّاء أول أعدادها في 4 تموز، عامذاك
وكان هو، في بداية أمره، المدير والمحّرر والمنضّد، يسعفه مجموعة من المتطوّعين المتحّمسين لظهورها. ثم تولّى إدارتها حنّا الكوسا، قبل هجرته الى السنغال، حيث أصبح معتمدها هناك، فَتَلاه في المسؤولية ميشال مخلوف
وهو لا بدّ ان يكون إستغرب عندما لاحظ أن أديباً، واسع الشهرة، كجبران خليل جبران، قد أدرج اسمه في عداد مشتركيها في 1 تشرين الأوّل 1925، في بوسطن، وإنه سيستمر في إشتراكه حتى 1 .1928حزيران
سوى أن حلم أنطون بحمل الرسالة لم يكن يخلو من المجازفة الماليّة، لما تستوجبه الطباعة من نفقات باهظة، ومن التهام لوقته على حساب مزاولته لمهنته في المحاماة التي لم يلبث أن إنضمّ إلى نقابتها. فكتب إلى والدته السيّدة نجيبة كعوي أنطون التي هاجرت للعمل في الولايات المتّحدة الأميركية، طالباً عونها
فأرسلت إليه مطبعةً تُدار بواسطة محّرك كهربائي، سنة 1926، كانت الأولى من نوعها في لبنان الشمالي
وبحلول العام 1935 ستُنقل المطبعة إلى طرابلس حيث راحت تطبع نشرات وصحفاً أخرى مُؤمّنة بعض الموارد الكفيلة بدعم جريدته، فضلاً عن مواردها من إعلانات المهجر، ومن الإعلانات الرسمية والتجارية، مذلّلة بذلك ما كان يعترضها من صعوبات مالية. هذا فيما ظلت أل “صدى” تطبع على المطبعة القديمة في زغرتا
وقد رافقت هذه الجريدة، وفقاً لما كتبه المؤرّخ سمعان خازن، في العدد الذي صدر بعد وفاة المؤسّس في 17 كانون الثاني سنة 1957، الحياة اللبنانيّة في جميع مراحلها، من عهد الإنتداب الفرنسيّ، إلى عهد الإستقلال، إلى عهد الإنقلاب، حاملةً بشدّة على الإنتداب الفرنسيّ وعلى ما وصفه بالعهد البائد، أي عهد الرئيس بشارة الخوري
وقد ساهم فريد أنطون الذي إمتاز بكل مقوّمات الشخصيّة الخيّرة، والمحبّبة إلى النفوس، في خدمة لبنان، وشمال لبنان، بصفة خاصة، بجريدته. كما ساهم في نهضة مجتمعه، من خلال تولّيه مسؤوليّات بلديّة، وإختياريّة، وتأسيسه للجمعيّات، وإنشائه للأندية، والفرق الكشفيّة (شباب السبّاقة اللبنانيّة)، ولجمعية النهضة الإهدنية، صاحبة اليد الطولى في المشاريع العمرانيّة، والنهضة المحلّية، وتشجيع الإصطياف
وقد كرّم، على حياته سنة 1922 وسنة 1953. ومنحته الحكومة اللبنانيّة وسام الاستحقاق اللبناني المذهّب
كما كُرِّمت جريدته، عام 1974، بمناسبة يوبيلها الذهبي، وقُلّدت وسام الإستحقاق اللبناني، من رتبة فارس
وحين وافته المنيّة، عام 1957، وهو في التاسعة والخمسين، كتبت “الرقيب” تقول: “جندي باسل من الفيلق اللبنانيّ الأصيل هوى في ساحة الجهاد، ويده على العلم”
مجلة “الصيّاد” وصفته بانه من “الرعيل الأوّل العامل في حقل الصحافة. وقد كانت جريدته، ولاتزال، صلة وثقى بين لبنان المقيم والمغترب، ولها مواقفها المشّرفة في جميع الحقول الوطنيّة”. أمّا النقيب الشهيد رياض طه فإعتبره أحد “الروّاد الذين شيّدوا روح الكلمة”
محسن أ.يميّن
“ZghartaPedia”
:إضافات
– بعد وفات مؤسسها، استلم ادارتها نجله الإستاذ قبلان أنطون حتى اقفالها عام 1987