راجي دانيال

من معمل الثلج، إلى صقالة الرسم

حين نشرت جريدة “الإنشاء” الطرابلسيّة، في 1 آذار 1980 عدداً وثائقيّاً خاصاً جاء ضمن سلسلة أعداد صدرت في حلّة مجلّة ، تحت عنوان “طرابلس ماذا بقي من الذاكرة والتاريخ؟” أوردت إسم راجي دانيال كمؤسّس لأوّل معمل ثلج فيها ، سنة 1901، لم ترفق خبرها بمعلومات عن الرجل

فشمس القرن العشرين كانت قد شرقت للتوّ. ودانيال لم يكن قد إحتلّ بعد مكانه في دائرة الضوء. سوى ان ميله العمراني هذا لم يتأخر في الظهور لأن الحاجة إلى الثلج، في ذلك الحين ، الذي تأتي صناعة البوظة في طليعة أستخداماته، كانت تعتمد ، إلى حدّ بعيد ، على همّة المكارين الذين كانوا يحملونه قبل بزوغ الفجر ، من الجبال العالية ، ويغطّونه بالخيش ، كي يحمونه من الذوبان على ظهور مطاياهم. وقد مرّ وقت قبل أن يؤسس آل عريضة معملهم للثلج في المدينة. أي الأشقّاء جورج، يوسف، وسليمان عريضه (من بقرقاشا ، قضاء بشرّي)

  بعد عودتهم بثروة طائلة من مهجرهم المكسيكي، وتأسيسهم لمعمل الغزل الشهير في البحصاص. فقد أتبعوه بعمل بلاط، ثمّ أعقبوه بمعمل للثلج (جريدة الدفاع لصاحبها الشيخ فريد بولس، العدد 121، الأربعاء 31 إيار 1933، السنة 2)

 وراجي دانيال ولد في سرعل، قضاء زغرتا، سنة 1880. وتلقّى أوّل دروسه على يد الخوري حنّا أبي مارون (معتوق) . ثم أكمل دروسه إلكليريكيّاً، في مدرسة مار يوحنا مارون في كفرحي (البترون) ، وأنهاها في روما بالرسم

ورسم مار مخائيل، شفيع كنيسة ضيعته سرعل، الذي يعلوا المذبح والموُرّخ في 24 شباط، سنة 1912، قد يكون باكورته الفنّيّة. لكنه لن يكتب شهرة قبل أن يعهد إليه البطريرك المارونيّ انطون عريضه بإكمال الجزء الذي تمنّع الفنّان صليبا الدويهي عن آنجازه في كنيسة سيّدة الديمان. فتولّى راجي دانيال ذلك. وربّما كان ذيوع صيته، آنذاك، وراء إقتناع أبناء قريته بضرورة إكماله لمعروفه بتزيين كنيسة مار مخائيل بالجدرانيات

وقد إعتلى الصقالة الخشبيّة، وشرع في الرسم، سنة 1954. وقد مدّ له الفنّان الإيطالي دون تيمارو يد العون في تثبيت ما كان يرسمه على الجدران والسقف ودهنهاه بما يصونها من التلف والرطوبة والتاكل. وهذا الفنان الإيطالي هو عينه الذي دهن جدران وسقف كنيسة مار جرجس في إهدن، وزيّنها بالرسوم

راجي دانيال الذي إقترن بماري فضّول، من بريسات (قضاء بشرّي)، ولم يرزقا أولاداً، فتح الله عليه بموهبة الرسم فدرسها، ومارسها. ومن لا يتذكرّ اليوم معمل الثلج الذي أنشأه في طرابلس، فسيتذكّره، على الأقلّ، في ما تركه من أعمال فنّية كنسيّة

محسن أ.يميّن 

“ZghartaPedia”