100جندي 

فتحوا الطريق إلى الحرج

في ١٩٢٨- ١٩٢٩

كانت الطريق المؤدّية إلى حرج إهدن، فيما مضى، كسائر الطرقات والمسالك الجبليّة القديمة، طريق مكارية. أيّ طريق حافر. وظلّت على حالها هذه، حتّى حلول العام ١٩٢٨، حين تمّت توسعتها للمرة الأولى، بجهود “فرقة القنّاصة اللبنانية”، وبالأدوات التي كانت تستخدم في ذلك الزمان للشقّ، والحفر، وتسوية الأرض، والأتربة

A snow covered log in a forest

Description automatically generated

وكان أوّل من أعلن عن هذا الأمر عضو المجلس البلدي ميشال شلهوب (مجلس ١٩٢٨)، في سياق تحدثّه في البلدية، عن مشاريع إهدن الكبرى: إنارة إهدن، فضلات مياهها، وفتح طريق الحرج.(صدى الشمال، عدد ١٧٥-١٧٦،السبت في ٢١ نيسان ١٩٢٨). وعاد شلهوب فأبلغ المجلس البلدي الذي كان، في ذلك الحين، برئاسة بشارة كرم، أن ممثليّ الإنتداب في الشّمال قرّروا إرسال فرقة من جيش الطرقات لفتح الطريق، ما حمل البلدية على توجيه شكرها لهم (صدى الشمال، عدد ١٩٨، الأربعاء في ١٢ تموز ١٩٢٨)

والمعلوم، أنّ الجيش اللبناني كان قد مرّ ، منذ نشأته خلال حقبة الإنتداب الفرنسي، تحت إسم  “جيش الشرق”، بأطوار عديدة. في العام ١٩٢٥، وعلى اثر “ثورة جبل الدروز”، أنشئت” قوات الشرق المتممة” التي تألّفت من ٨ سرايا قنّاصة لبنانيّة، ومن ٣٦ سريّة حراسة متحرّكة (كان من أصلها ١٨ سريّة من اللبنانيين والسوريين)، وسريّة هندسيّة لبنانيّة

وفي نيسان ١٩٢٩، أُعيد تنظيم سرايا القناصة  اللبنانيّة في مجموعتين شكّلتا نواة الجيش اللّبناني الحالي( راجع كتاب” ويبقى الجيش هو الحل، للعميد الركن فؤاد عون، ١ آب ١٩٨٨)

تنفيذاً لقرار السلطات الإنتدابية توجهت” فرقة القناصة اللبنانية”، في أيلول ١٩٢٨، بقيادة، الضابط الباسل الشيخ يوسف كسبار، بحسب وصف الصدى (العدد ٢٠٩، السبت ٢٢ أيلول ١٩٢٨)، وباشرت عملها بفتح طريق الحرج، بدلا من الفرقة السورية (لجيون سيريين) التي هيأت مركزا للقناصة قبل أن تغادر إهدن مشيعة، كما إستقبلت، بالحفاوة، والإكرام

وتشير المعلومات إلى أن شق الطريق إستغرق زهاء الأربعة أشهر من العمل الدؤوب، المتواصل، الذي لم تبرد من حماوته ظروف الطقس الجبلي البارد، ولا تقلبات الخريف، والشتاء، ولا تراكم الثلوج، أو إنهمار الأمطار. وقد غادرت فرقة القناصة المؤلفة من ١٠٠ جندي، إهدن بعدما أنجزت فتح الطريق منها إلى نبع جوعيت، يوم الخميس في ١٧ كانون الثاني ١٩٢٩. وقد عرجت على زغرتا، وباتت فيها ليلتي الخميس والجمعة في ١٧ و١٨ كانون الثاني ( صدى الشمال  عدد ٢٣٩، السبت ١٩ كانون الثاني ١٩٢٩) .ولم تترك المنطقة الا بعدما إشتركت مع الفرقة السورية في مناورة حربية جرت في ضواحي عرجس، دلّت على تضلعهما بالفنون العسكرية

وهذه الأخيرة، أي الفرقة السورية، كانت قد شرعت في فتح طريق الحدث- اليمونة، لكن تراكم الثلوج إضطرها إلى مغادرة الحدث

أما الطريق التي أنجزتها ما بين إهدن والحرج، ونفترض أن تكون بوسع طرقات               “الشوسه” التي تصلح لمرور العربات، اي بعرض أربعة أمتار، او ما يقاربها، فقد جرى توسعتها أكثر، بعد فترة زمنية وجيزة، حين شرعت “لجنة السياحة والإصطياف الإهدنية” ( ١٩٣٣)، بالإتفاق مع  البلدية، على فتح طريق السيارات من جبل السيدة إلى نبع جوعيت

وعندما صدر كتاب المؤرخ سمعان خازن: “تاريخ إهدن القديم والحديث”، عام ١٩٣٨، كانت الأشغال قد أوشكت على الإنتهاء، على ما ورد فيه (التاريخ المدني، ص٣٤٥). وقد جاءت لتكمل فتح طريق السيارات إلى جبل السيدة، قبيل إزاحة الستار عن تمثال الصليب المهدى إلى إهدن من الأب يوسف علوان، رئيس الرسالة اللعازارية في الشمال، صيف  ١٩٣٥

محسن ا. يمين

صورة فرقة القناصة وشعارهم من كتاب العميد الركن سامي ريحانا عن الجيش اللبناني (بالفرنسية، ١٩٨٤)

صور للحرج  بعدسة الناشط البيئي فيليب عنتر( إهدن سبيريت)