شهيد العاقوري          

“مسحّراتي” إهدن

“يا نايم وحّد الدايم” التي لم تكن تطرق آذاننا على أيّامنا في إهدن، يبدو أنها كان مألوفٌ سماعها من قَبل. بشهادة المُعمّر الزغرتاويّ بطرس جرجس واكيم يمّين (من مواليد 4 كانون الثاني ١٩٢٤). منقولةً إلينا عبر نجله البكر المهندس جورج يمّين، رئيس بلديّة زغرتا-إهدن، وإتّحاد بلديّات القضاء، سابقاً

فعندما كان يُصادف وقوع شهر رمضان في شهرٍ من أشهر الصيف، فيما المُصطافون الطرابلسيّون المُسلمون ينعمون بمُناخ إهدن الصحّيّ، كانوا لا يحملون هَمّ الإستيقاظ وقت السحور. لأن شهيد العاقوري، المعروف بـ “شهيد فاهمة” كان يقوم، ربّما في الأربعينيّات والخمسينيّات، بدور “المُسحَّراتي”. فيأتي في الموعد المُحدّد للإفطار، ويُطلق صوته، مُستعيناً بدربكّة، أو ما شابه، كي يُوقظ من أثقل النعاس جُفونهم، فيهبّ النُيّام لتناول إفطارهم، أستعداداً ليوم صيام جديد

ودور شهيد العاقوري هذا مجهول تماماً اليوم لطُغيان شُهرته التي إكتسبها كبائع ليموناضة لم تكن تُضاهى بطيب مذاقها، على عربته الأشبه ببُركة “سوق أيّاس”، إنّما مُتجوّلة. تُسهم، في أيّام الحرّ المُذيب، بحُمولتها المُبرّدة بمُكعّبات الثلج، في إخماد عطش روّاد ساحة الميدان، في إهدن، وساحة التلّ، في زغرتا. ولإشتهاره، قبل ذلك، بطوافه في البلدتين، حاملاً، زمن عزّ السينما، لوحاً خشبيًّا بـ “أفيشات” ما كان يُعرض من أفلام، يصحبه إبنه شربل الذي يتولّى قرع جرس، لفتاً للإنتباه

محسن أ. يمّين